بسم الله الرحمن الرحيم
" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر "
صدق الله العظيم
شهيد الإسلام
عبدالله يو سف عزام
الميلاد 1941 جنين، فلسطين
الإستشهاد 1989باكستان
عبد الله يوسف عزام 1941م - هو شخصية إسلامية يوصف بأنه رائد "الجهاد "، منتميا لجماعة الإخوان المسلمين، كان شخصية محورية في تطوير الحركات الإسلامية المسلحة . وهو مؤلف كتاب ( حماس الجذور التاريخية والميثاق ) وهو الكتاب الذي يعد ميثاقاً لحركة المقاومة الإسلامية في فلسطين . أسس عبد الله عزام مدرسة فكرية وبنية تحتية شبه عسكرية . كانت فلسفة عزام في ترشيد الجهاد العالمي وتبني اسلوب عملي لضم وتدريب المسلحين المسلمين من أنحاء العالم قد أثمرت أثناء الحرب ضد الإحتلال السوفييتي في أفغانستان، وكانت مؤثرة على التطور اللاحق للحركات الجهادية العسكرية.
ولد عبد الله عزام سنة 1941 في قرية سيلة الحارثية في لواء جنين الواقعة شمال وسط فلسطين، وكانت لا تزال تحت الإنتداب البريطاني، في حي اسمه حارة الشواهنة ، واسم والده الوقور الحاج يوسف مصطفى عزام ، تلقى عبد الله عزام علوم الإبتدائية والإعدادية في مدرسة القرية ، ثم واصل تعليمه العالي بكلية خضورية الزراعية ، ونال منها دبلوما بدرجة امتياز .
تنقل عبد الله عزام وهو طفل بين مرابع القرية، وكان يرى أمام ناظريه سهول مرج ابن عامر الذي اغتصبه اليهود عبر المؤامرات الدولية، فأخذ يهيئ نفسه ويعدها إعداداً إيمانياً، فكان منذ صغره محافظاً على الصلوات، دائباً على تلاوة القرآن، كما كان ملازماً لمسجد القرية.
عاش عبد الله عزام منذ يفاعته في سيلة الحارثية مع الأستاذ شفيق أسعد، الذي كان يتولى رعاية مجموعة من أبناء القرية، يربيهم على أخلاق وأفكار ومبادئ دعوة الإخوان المسلمين، فكان الشيخ عبد الله عزام في أوائل الدعاة في القرية.
كما تعرف الشيخ عبد الله في مدينة جنين على الداعية المربي الشيخ فريز جرار، الذي كان هو والأستاذ شفيق اسعد من أنشط الدعاة في تلك الفترة تربية للشباب، وأكثرهم عقداً للندوات والمحاضرات في مركز الجماعة في مدينة جنين، وأخذ عبد الله عزام يكثر من زيارة مركز الجماعة ويحضر الندوات واللقاءات التي كان يشرف عليها الشيخ فريز جرار، حتى أصبح من أكثر الشباب نشاطاً ومشاركة في هذه اللقاءات، وأخذ يكثر من الجلوس إلى الشيخ فريز ويصحبه في أكثر الجولات.
بعد حصوله على شهادة (خضوري) الزراعية تم تعيينه معلماً في قرية أدر بمنطقة الكرك جنوب الأردن، وبقي فيها سنة واحدة، حيث نقل إلى مدرسة برقين الإعدادية بالقرب من مدينة جنين.
سكن عبد الله مع أخوين له في الدعوة غرفة في دار الجماعة، فكانت له فرصة طيبة لممارسة ألوان متعددة من النشاط الفكري والتربوي والرياضي... كما كان كثير المطالعة لكتب الدعوة وخاصة كتب الإمام حسن البناّ وعبد القادر عودة وسيد قطب ومحمد قطب.
ثم إنتسب إلى كلية الشريعة في جامعة دمشق ونال منها شهادة الليسانس في الشريعة بتقدير جيد جدا عام 1966م. وفي دمشق التقى مع بعض علماء الشام فتتلمذ علي يدهم .
في سنة 1965م تزوج عبد الله عزام وانجب خمسة ذكور وهم محمد وقد استشهد مع والده وعمره 20 سنة, وحذيفة وابراهيم وهو ايضا قضى شهيدا مع والده وعمره 15 سنة وحمزة و مصعب.وثلاثة اناث فاطمة ووفاء وسمية.
بعد عام 1967، وسقوط الضفة الغربية وقطاع غزة في أيدي اليهود، دخل اليهود سيلة الحارثية، وحاول عبد الله عزام مع مجموعة من الشباب من أهل القرية الوقوف في وجه الدبابات الإسرائيلية، فنصحهم أهل القرية بالتريث لأنه ليس بمقدورهم ذلك.
فخرج عبد الله عزام مشياً على الأقدام مع غيره من أهل القرية إلى الأردن، ولكن خروج عبد الله عزام من بلده ما زاده إلا عزماً وتصميماً على الجهاد في سبيل الله، فبدأت فكرة التدريب على السلاح للوقوف في وجه اليهود تلح عليه. وكان الشيخ عبد الله عزام من أوائل التشكيلات الإسلامية التي انضوت مع حركة فتح للتدريب على الجهاد. قرن الشيخ عبد الله عزام جهاده وتدريبه بانتسابه إلى جامعة الأزهر في مصر لدراسة الماجستير في أصول الفقه.
حصل الشيخ على الماجستير في عام 1969. وقد اشترك الشيخ في تلك الفترة بعدة عمليات جهادية كان أشهرها معركة الحزام الأخضر عام 1969 ومعركة 5 حزيران سنة 1970. وقد تكبد اليهود في هذه المعارك أعداداً كبيرة من القتلىـ إلا أن شباب الحركة الإسلامية لم يحاولوا أن ينسبوا هذه العمليات إليهم لأنهم يجاهدون في سبيل الله لا من أجل اكتساب شعبية أو الحصول على الثناء.
وفي عام 1971 ذهب الشيخ عبد الله إلى مصر لتحصيل درجة الدكتوراه وحصل عليها في عام 1973.
في مصر وجد الشيخ لنفسه مهمة جهادية أخرى هي مد يد المساعدة لأسر المعتقلين من الإخوان على الرغم من مضايقة المخابرات المصرية له.
لما عاد الشيخ عبد الله عزام إلى الأردن عمل مسؤولاً لقسم الإعلام بوزارة الأوقاف، فكان له الفضل في تنشيط المساجد والوعاظ حيث طعم القسم بطاقات شابة قادرة على الدعوة، وأصدر نشرات لنشر الوعي الإسلامي. ثم عمل مدرساً وأستاذاً بكلية الشريعة في الجامعة الأردنية مدة سبعة أعوام من عام 1973 ـ 1980، عمل فيها في مجال الدعوة والتدريس، وكان متميزاً بطريقته وأسلوبه في الدعوة إلى الله، ولذلك كان كثير من الشباب خارج الجامعة يحرصون على حضور محاضراته، وكان له الفضل في فصل البنات عن البنين في المحاضرات.
كان الشيخ في هذه الأثناء على اتصال دائم مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن طريق اتحاد الطلبة المسلمين حيث كانوا يوافونه بأخبار الجهاد أولاً بأول. وكان يعد الشباب الذين لديهم التصاريح ويستطيعون الذهاب إلى فلسطين، ويرسلهم بعد الإعداد وينصحهم بأن يبقوا في فلسطين وينضموا إلى المجاهدين هناك، وكان كثيراً ما يجمع التبرعات أثناء جولاته في المدن العربية باسم الجهاد في فلسطين ويدعو الله دائماً أن يجعل له سبيلاً وطريقاً للجهاد في فلسطين من أجل تحرير مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كان الشيخ عبد الله عزام شخصية فريدة من نوعها، وقد استطاع أن ينشر أفكاره في صفوف الطلبة والطالبات في مختلف كليات الجامعة. وفي عام 1981 سافر إلى السعودية للعمل في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، ثم طلب العمل في الجامعة الإسلامية بإسلام أباد في باكستان قريباً من الجهاد الأفغاني، فانتدب لهذا العمل، وعندما اقترب من المجاهدين الأفغان وجد ضالته المنشودة وقال: (هؤلاء الذين كنت أبحث عنهم منذ زمن بعيد).
بدأ الشيخ عبد الله عزام عمله الجهادي في أفغانستان عام 1982 باستقبال القادمين للجهاد من الشباب العرب، ثم قام في عام 1984 بتأسيس مكتب خدمات للمجاهدين وتفرغ له. ليكون مؤسسة إغاثية جهادية متخصصة بالعمل داخل أفغانستان وقد ساهم هذا المكتب في:
ـ نقل قضية الجهاد الإسلامي في أفغانستان إلى قضية إسلامية عالمية، والعمل على إيقاظ الهمم واستنفار المسلمين في أرجاء العالم للوقوف بجانب هذا الجهاد المبارك.
ـ التعريف بقضية الجهاد عن طريق مجلة الجهاد، ونشرة لهيب المعركة والكتب والمنشورات التي كان يصدرها الشيخ عبد الله عزام في باكستان، بالإضافة إلى خطبه في المساجد والمحاضرات المتخصصة التي كان يلقيها للتحريض على الجهاد، وتصوير بطولات المجاهدين إلى العالم أجمع حيث كان النافذة التي يطل الأفغان من خلالها إلى العالم.
ـ في ميدان التربية والتعليم: إقامة الدورات التدريبية لقادة الجهاد، فتح المدارس داخل الخنادق، وإقامة المراكز التربوية في أرض المعركة، فتح دور القرآن الكريم تحت قصف المدافع، وطباعة الكتب، فقد طبع أربعمائة ألف نسخة من القرآن الكريم في سنة 1988 وأدخل معظمها إلى المدارس في أفغانستان.
ـ تزويد القوافل وترحيلها وتجهيز الجبهات.
ـ الاعتناء بضحايا الحرب وجرحاها: بإنشاء خمس مستشفيات في داخل أفغانستان (جاجي، تخار، غزني، فارياب، بنجشير، بالإضافة إلى تأسيس مستشفى مكة المكرمة والمختبر المركزي وعيادة الطب الطبيعي).
ـ إيقاف سيل الهجرة المتدفق: بكفالة العلماء والقادة الذين يحرضون على الجهاد بين الحمم المتساقطة.
ـ العناية بأبناء الشهداء وذلك بفتح قسم كفالة الأيتام والأرامل في داخل أفغانستان، وبناء دور للأيتام.
ـ رفع معنويات الأخوة المجاهدين الأفغان (سنشد عضدك بأخيك).
ـ انصهار الطاقات الجهادية في بوتقة إسلامية: عربيها وأفغانيها.
ـ تشكيل لجنة العلماء لإصدار الفتاوى واستنهاض الهمم ودحض الآراء الفاسدة.
ولقد كان الشيخ عبد الله عزام من أوائل السباقين للجبهة يقدم الشباب ويقدم نفسه أمامهم قدوة لهم في الإقدام والتضحية.
من أقواله المأثورة في الدعوة والجهاد:
ـ إن الأبطال الحقيقيين هم الذين يخطون بدمائهم تاريخ أممهم ويبنون بأجسادهم أمجاد عزتها الشامخة.
ـ لقد رأيت أن أخطر داء يودي بحياة الأمم هو داء الترف الذي يقتل النخوة ويقضي على الرجولة، ويخمد الغيرة ويكبت المروءة.
ـ لقد عودتنا التجارب أن نرى التكالب العالمي على كل قضية إسلامية تقترب من النصر، أو على كل داعية أصبح شامة في جبين الدهر.
ـ الجهاد بالنفس ضرورة حياتية للمسلم ليتحرر من الخوف والوهم والرعب الذي يغتصب به الطواغيت حقوق الأمم.
ـ إن البشر لا يملكون إزاء القدر رداً، ولا يبني الأمم إلا الجماجم والأجساد.
ـ الشهداء هم الذين يخطون تاريخ الأمم، لأن تاريخ الأمم لا يخط إلا بالعرق والدم.
ـ الشهداء هم الذين يحفظون شجرة هذا الدين من أن تضمحل أو تذوي، لأن شجرة هذا الدين لا تروى إلا بالدماء.
ـ المسلم أعز ما يكون حينما يكون مجاهداً في سبيل الله.
ـ لا فرق بيت رصاصة شيوعي في باكستان ورصاصة شيوعي في أفغانستان، ورصاصة عميل لليهود أو الأمريكان... الكل قتل في سبيل الله مادامت النية خالصة له... ولقد اخترنا الموت طريقاً للحياة.
- إن كلماتنا ستبقى ميتة أعراسا من الشموع
لا حراك فيها جامدة
حتى إذا متنا من أجلها انتفضت حية
وعاشت بين الأحياء
كل كلمة عاشت كانت قد اقتاتت قلب انسان حي
فعاشت بين الأحياء
فالأحياء لا يتبنون الأموات
- إنما تحيا الأمم بعقائدها وأفكارها ، وتموت بشهواتها ولذاتها
وبقدر ما ينتشر في الأمة من مبادئ خيرة وعقائد صحيحة
بقدر ما تضرب بجذورها في أعماق الأرض، وترسل
مجموعة سيقانها و أوراقها يانعة تستظل بها البشرية
من لفح الحياة وسعيرها المادي، ومن لظى الحقد والحسد
والتنافس على المتاع الحقير والعرض القريب
استشهد الشيخ عبد الله عزام في مدينة بيشاور في باكستان، حيث يقطن وعائلته ـ رحمه الله ـ بتاريخ 24/11/1989 في أثناء توجهه لتأدية صلاة الجمعة عندما تعرضت سيارته لانفجار مروع دبرته يد أعداء الإسلام الغادرة، مما أدى إلى استشهاده مع ولديه (محمد وإبراهيم) الذين تناثرت أشلاؤهم على مساحة واسعة حول السيارة التي انشطرت إلى قسمين من قوة الانفجار.
رحم الله الشيخ المجاهد وأسكنه فسيح جناته